
أطباء وحكماء يعالجون بالحب.. بالبول.. وبالأفاعي
قطع علم الطب أشواطا طويلة عبر التاريخ للوصول إلى ما هو عليه الآن، ومر من عدة مراحل لم يكن طريق عبورها سهلا. فقد كان الأطباء قديما والمتصدون لعلاج الناس يؤمنون بممارسات طبية غريبة، مقززة ومرعبة. غير أن كثيرا من المواد والوسائل التي يستخدمونها لمعالجة الأمراض الشائعة آنذاك، غالبا ما كانت تؤدي إلى كوارث حقيقية بين المرضى.
سهيلة التاور
العلاج بالبول
آمن العديد من الناس عبر التاريخ بالقوى الشفائية العجائبية للبول، سواء كان تناول البول هذا خاصا بالشخص نفسه، أو عبر شُرب بول شخص آخر.
فاستخدموا البول كدهان واق من الشمس وحروقها، واستخدموه كغسول للفم وكمضمضة للحد من التهابات اللثة ووجع الأسنان وتبييضها، وشربوه في البلاد الآسيوية من أجل رفع القدرة الجنسية، وكمشروب للطاقة.
وعلل بعض الأطباء مفعول البول الشفائي، بأن اليوريا مضادة للجراثيم والفطريات والفيروسات، لكن ورغم استخدام هذا العلاج المقزز في حالات الإصابة بالربو والأمراض الجلدية وحتى السرطان، فإنه لم يثبت أي نفع أو فائدة يسببها، بل على العكس لا ينصح بشرب كميات كبيرة منه، فقد يتسبب في حدوث أضرار جانبية لا تحمد عقباها.
العلاج باليرقات
هو علاج حيوي يتم فيه وضع يرقات الذباب المعقمة داخل الجروح غير الملتئمة لتعقيمها وإزالة الخلايا والأنسجة الميتة، حيث تتغذى هذه اليرقات على الأنسجة الميتة، بينما لا تقترب من الأنسجة السليمة. كما أنها تلعب دورا مهما في تطهير الجروح عبر قتل البكتيريا الضارة داخل الجرح.
كان العلاج باليرقات علاجا شائعا في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، ولكنه بدأ يفقد شعبيته بعد ظهور البينيسلين، ومع مرور الوقت ظهرت بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية، مثل بكتيريا «مارسا MRSA»، لذلك كان لابد من الاستعانة باليرقات مرة أخرى.
العلاج بثقب الجمجمة
هذا التدخل الجراحي المرعب كان يتم لعلاج الأمراض العقلية قبل 7000 عام، حيث كان يُعتقد أن أعراض الهلوسة والهذيان والفصام تسببها أرواح شريرة أو شياطين محبوسة داخل جسد المريض، فكان المعالجون الروحانيون يقومون بثقب وحفر الجمجمة من أجل فتح عين ثالثة، تسمح بزيادة الوعي لدى المريض وتنفس الدماغ، والسماح للشياطين بالخروج ومغادرة الجسد، وبالطبع كان هذا الإجراء المرعب يتم دون تخدير المريض.
وعثر علماء الآثار على آلاف الجماجم المثقوبة التي أجريت عليها هذه المعاملة في العديد من المناطق حول العالم، مثل اليونان القديمة وأمريكا الشمالية والجنوبية وإفريقيا، واتفقوا على أنها أجريت بغرض طرد الشياطين والأرواح الشريرة، أو كطقس من الطقوس الوثنية القديمة.
وما زالت هذه التقنية تمارس في بعض المناطق المعزولة والمتطرفة من إفريقيا، رغم أنها توقفت قبل عام 1900 في معظم الأماكن التي كانت تُجرى فيها.
وحاليا تستخدم تقنية طبية مشابهة بواسطة جراحي المخ والأعصاب، من أجل تخفيف الضغط على الدماغ بعد إصابات الرأس، ولكن بطرق حديثة وآمنة جدا، ويعرف هذا الإجراء باسم «Craniotomy».
العلاج بحقنة دخان التبغ
في أواخر القرن الثامن عشر، بدأ التبغ في الوصول إلى الشواطئ الإنجليزية من الأمريكتين، وجاءت إلى جانبه تلك الفكرة التي تنطوي على استخدامه كحقنة شرجية، حيث اعتقدوا وقتها أنه يمكن لدخان التبغ علاج مجموعة واسعة من الأمراض، وكما يوحي الاسم فإن حقنة دخان التبغ هي عبارة عن نفخ دخان التبغ في مستقيم المريض.
وقد استخدمت هذه التقنية على أولئك الذين سقطوا في نهر «التايمز»، وكانوا على وشك الغرق، كان يعتقد أن الحقنة الشرجية لدخان التبغ تقوم بتسخين المريض من الداخل وتحفز التنفس لديه، وكانت هذه الحقنة أساسية من ضمن مجموعات الإنعاش.
كما استخدمت هذه الحقن الشرجية لعلاج كل شيء من الصداع وتقلصات البطن للتيفويد والكوليرا، كما بدأ الناس يستخدمون حقنة التبغ لعلاج الأمراض الخطيرة على نحو متزايد ويثقون بها، حتى أوائل القرن التاسع عشر عندما ظهر أن التبغ يسبب أضرارا للقلب.
العلاج بالأفاعي
هذا العلاج هو عبارة عن تدليك بالأفاعي، لكنه يجعل جلسة المساج غير مريحة على الإطلاق، خصوصا إن كان الشخص ممن يخافون من الأفاعي. يصار خلاله إلى وضع مجموعة من الأفاعي غير السامة على جسدك، وتترك لتزحف وتتحرك كيفما تشاء.
من الناحية النظرية فإن هذا التدليك يفترض أن يمنحك شعورا لا مثيل له من الاسترخاء. وبالطبع هناك أفاع صغيرة الحجم مخصصة لتدليك الوجه.
العلاج بإراقة الدم
وفقا لممارسي الطب القديم، فإن جسم الإنسان يتكون من أربع مواد أولية وهي المادة الصفراء «كالصفراء التي يفرزها الكبد»، والمادة السوداء، والبلغم والدم، ويجب أن يكون هناك توازن بين هذه المواد الأربع، وعندما يصاب الشخص بالمرض، فإن المعالجين كانوا يميلون إلى التخلص من بعض الدماء، فيقوم الطبيب ببساطة بقطع الوريد واستنزاف بعض الدماء، وعلى الرغم من أن هذه الممارسة يمكن أن تؤدي إلى الموت بسهولة مع قليل من الإهمال، إلا أنها ظلت تُزاول حتى القرن التاسع عشر، وكانت تقدم هذه الممارسة بمساعدة الحلاقين في بعض الأحيان، ولكن أخيرا تم وقف العلاج بهذه الطريقة بعد ما أثبت أنه يضر أكثر مما ينفع، ولكن ما زال هذا العلاج يمارس الآن من خلال استخدام العلق الطبي.
العلاج بلسعة النحل
هذا العلاج يقوم على تعريض المريض للسعات النحل، للشفاء من الأمراض. لكن وخلافا لغالبية العلاجات المذكورة في موضوعنا، فإن هذا العلاج تحديدا مبني على دراسات علمية.
وسم النحل يحتوي على حمض الهيدروكلوريك وحمض الخل وحمض الفوسفور والهستامين والأبامين والميتونين والبنين والسيستين، وهذه المواد يمكنها معالجة الروماتيزم والروماتويد والنقرس والتهاب المفاصل والتهاب الأعصاب، بما فيه التهاب العصب الوركي، والأمراض الجلدية وأمراض الكلى.
كما أنه له تأثير مانع لتخثر الدم، ويحفز أيضا الجسم على إفراز هرمون الكورتيزون، والذي يعتبر أكثر مضادات الالتهابات السيتروئيدية فعالية.
العلاج بقضيب الحديد الساخن
قبل القرن الثاني عشر كان يعتقد أن الشخص المصاب بالبواسير هو شخص غير تقي، ولذلك كان يتم إرساله إلى الدير، ليتم علاجه بطريقة غريبة جدا وقاسية في الوقت نفسه، حيث كان الرهبان يقومون بدفع قضيب حديد ساخن في فتحة الشرج لدى المريض المسكين. وأخيرا في القرن الثاني عشر، توصل أحد الأطباء اليهود إلى علاج للبواسير، والذي ما زال يستخدم حتى وقتنا هذا، وهو نقع المريض في حمام دافئ لتخفيف الألم.
العلاج بالكوكايين
في عام 1884، لاحظ طبيب العيون النمساوي كارل كولر أن وضع بعض الكوكايين على قرنية أحد المرضى، أدى إلى عدم الإحساس بالألم أو الضغط الناتج عن الجراحة، مما جعل إجراء الجراحات أسهل وأقل خطورة.
وبعدما نشر كولر هذه المعلومة، قرر الأطباء استخدام الكوكايين كمادة تخدير في كل الإجراءات الطبية، حتى إنهم بدؤوا في وصفه كمسكن للألم.
وحاول البعض حينذاك لفت النظر إلى احتمالية إدمان الكوكايين، لكن الأطباء سخروا من هذه الاحتمالية، مؤكدين أن الإدمان عليه لا يتعدى إدمان الشاي والقهوة والمنبهات الأخرى كافة.
وفي عام 1900، كان يمكن لأي مواطن أمريكي أن يسير إلى الصيدلية القريبة من بيته كي يشتري غراما من الكوكايين النقي، مقابل 25 سنتا، ليعود ويخلطه بأي شراب ويتناوله كمادة مسكنة للآلام.
وتم وصف الكوكايين من قبل الأطباء لعلاج البواسير وعسر الهضم وقمع الشهية والتعب العام والتهابات الأسنان، وأنتجته شركات الأدوية على هيئة حقن، ليسهل على المرضى استخدامه في المنازل.
في عام 1902، تم إحصاء نحو 200.000 أمريكي مصابين بالإدمان على الكوكايين، مما جعل الحكومة الأمريكية تتدخل لتجريم استخدامه وتداوله.
العلاج بالهيروين
هذه المادة المخدرة كانت تعتبر من أغرب العلاجات الطبية حول العالم، ومن هنا كان لاستخدام بعض تلك المواد أبلغ الأثر في علاج بعض الأمراض قديما، ومن هنا تم استخدام بعض الخلطات كعلاج.
وقامت إحدى الشركات الألمانية قديما بوصف دواء خاص بالهيروين لعلاج مرض السعال، وقد تم الترويج لهذا الدواء الذي لا يستلزم وصفة، وتم تسويق هذا العقار في الفترة بين عامي 1898 و1910. وفي عام 1924 حظرت إدارة الغذاء والدواء «FDA» بيع الهيروين واستيراده وتصنيعه، لما عرف من أخطاره الشديدة.
العلاج بالتبريد
اليابانيون هم أول من اكتشفوا العلاج بالتبريد لكامل الجسم في نهاية السبعينيات، لكن استخدامه حينها كان محصورا في الرياضيين فقط. حاليا العلاج هذا متاح للجميع، وهو يستخدم لعلاج الالتهابات والقضاء على الألم.
ويتم من خلال طريقتين إما غرف خاصة، أو من خلال النيتروجين البارد. يتم تعريض الجسم لدرجة حرارة تتراوح بين 80 إلى 150 درجة تحت الصفر، لمدة دقيقة ونصف الدقيقة أو ثلاث دقائق.
بعض التعرض لهكذا درجات حرارة متدنية تنقبض الأوعية الدموية؛ ما يحد من التهاب الأنسجة، كما أنها تساهم في تباطؤ انتقال الألم عبر الخلايا العصبية، ما يجعل تأثيرها كمسكنات الألم.
والعلاج هذا يساعد خلايا الجسم المصابة على إفراز إنزيمات مصححة، كما أن البرودة الحادة تجعل مادة الكولاجين لينة، وبالتالي أكثر قدرة على مقاومة التمدد.
بالإضافة إلى الرياضيين، تستخدم هذه التقنية لعلاج الاضطرابات العصبية، وتصلب العضلات، أو الأشخاص الذين يعانون من أمراض مؤلمة جدا.
العلاج بالكهرباء
في أواخر القرن التاسع عشر وعندما أصبحت الكهرباء متاحة للجميع، أصبح في الإمكان استخدامها كعلاج للمرضى، وبالفعل تم استعمالها في علاج مرضى الضعف الجنسي عند الرجال، عن طريق صناعة سرير كهربائي مع أحزمة وأدوات أخرى كهربائية لعلاج المرضى، ولكن بالطبع تلك الممارسة أثبتت ضررها، سيما على الجزء السفلي من جسم الرجل.
العلاج بالحب
بدأ استخدام هذا النوع من العلاج في هاواي، وهو قائم على مبدأ يقول إن أصل كل الأمراض هو الخلافات، الغضب والشعور بالذنب، لذلك فهو يركز على استهداف هذه الشرور، من أجل الوصول إلى مرحلة المصالحة والمسامحة. كل ما عليك فعله هو قول كلمات: «أعتذر.. شكرا. أحبك. سامحني».