
ربما السؤال الأكثر إلحاحا اليوم، والذي يتبادر إلى أذهان كل المغاربة، هو ماذا أعدت الحكومة من خطة متكاملة لمواجهة آثار وتداعيات الجفاف الذي بدأت نذره تتزايد في مناطق واسعة من البلاد، خصوصا في العالم القروي، بسبب شح مستويات الأمطار هذا العام؟
لا شيء مهم عند المغاربة، في ظل تداعيات وباء كوفيد 19، وارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية واقتراب شهر رمضان، غير انتظار إجراءات وقرارات عمومية تبدد قلقهم ومخاوفهم على أمنهم المائي والغذائي واستقرار أسعار المحروقات والمواد الغذائية الأساسية في حدود معقولة ومقبولة.
إن قلق ومخاوف المواطنين، رغم أننا لم نصل بعد إلى مستويات الأزمة، لها ما يبررها، لأن كل المؤشرات تدل على أن المغرب مقبل خلال هذه السنة على مواجهة مشاكل معقدة ومتداخلة مرتبطة بندرة المياه والغذاء وارتفاع الأسعار وكلفة «كوفيد»، وهو ما قد تكون له تداعيات اجتماعية ما لم تتخذ الإجراءات الضرورية لإنقاذ الموقف عبر تدابير حكومية وبرامج واضحة وعاجلة تأخذ بعين الاعتبار حجم الموارد وكيفية التصرف فيها بما يخفف من وطأة الإكراهات الاجتماعية.
مما لا شك فيه أن ظاهرة ارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية والأولية ظاهرة عالمية مرتبطة بالتقلبات المناخية والتوترات الجيوستراتيجية وتقليص حركية البضائع بسبب وباء كوفيد 19 وغيرها من الأسباب الموضوعية الخارجة عن إرادة الدولة المغربية، لكن هذه الأسباب مهما كانت مهمة لا يمكن أن تتحول إلى جدار للاختباء وراءه لتبرير التهاب الأسعار، فالتغيرات التي تطرأ على الأسعار العالمية ليست سوى أحد العوامل المؤثرة في تغير الأسعار المحلية.
ما يهم المواطن المحدود الدخل، أو الذي لا يتوفر عليه أصلا، هو مدى تقلب الأسعار المحلية وكيفية تقديم جواب عمومي بشأنها، وهنا تظهر الحاجة لقيمة حكومة قادرة على تدبير أصعب اللحظات، كما تظهر الحاجة كذلك لتلك الحسابات الخصوصية التي وضعت «لدواير الزمان»، وعلى رأسها صندوق دعم بعض أسعار المواد الغذائية وصندوق مكافحة آثار الكوارث الطبيعية، وصندوق النهوض بتشغيل الشباب وصندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية، وصندوق الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي، وصندوق المبادرة الوطنية للتنمية الاجتماعية.
لن نستبق الأحداث في ما ستتخذه الحكومة ولن نضخم من خطاب الأزمة، لكن رأسها بدأ يطل وينبغي قطعه قبل فوات الأوان.