
صورة: صفحة حزب التقدم والاشتراكية
قال البشير الدخيل، أحد المؤسسين لـ”جبهة البوليساريو” الانفصالية، إن “الحل النهائي لمشكل الصّحراء لا يمكن أن يتمّ بدون تصالح وطني فعلي، يتم عبر التفاوض والنقاش الصريح وحل المشاكل”، مسجلا أن “الملك محمدا السادس كان قد تحدث عن تصور مهم جداً، هو أنه لا يمكن لهذا المشكل أن يحلّ بمقاربة عسكريّة وأمنيّة، بل بالحوار واستئناف النقاش، مع العلم أن نسبة الصحراويين المتواجدين في المغرب هي 73 في المائة حسب إحصائيات الأمم المتحدة”.
ولفت الدخيل خلال مداخلته ضمن ندوة “آفاق الطي النهائي لملف الصحراء المغربية”، الثلاثاء بالرباط، التي نظمت تخليداً للذكرى الثمانين لتأسيس “حزب التقدم والاشتراكية”، إلى أن “المقاربة المناسبة لا بدّ أن تكون إنسانيّة ابتداءً، من خلال تأهيل الإنسان الصّحراوي، والحسم مع سياسية الريع وضرورة تطبيق القانون”، موضحا أنه “لا ينبغي أن يبقى التمييز وأن يكون شخص فوق القانون وآخر تحته. هذا ما جاء في الدستور، ولا بد أن يكون الجميع سواسية أمام القانون”.
ولم يخف الدخيل أن “الأسئلة تتقاطر بشكل يومي حول متى سيحلّ هذا الملف؟” قائلا: “هرمنا، ونخشى أن يصل أحفادنا دون حل”، وأضاف: “هذا المشكل هو مشكل تصفية استعمار، والجزائر لها طموح توسعي على حساب الملف، على اعتبار أن ثلاثة أرباع من الأراضي الجزائرية ليست ملكا للجزائر تاريخيا، بل تم اقتطاعها من المغرب ومن مالي ومن تونس ومن ليبيا من طرف الاستعمار الفرنسي، إذن هي مساحة كبيرة قائمة على التوسع”.
لهذا، اعتبر المتحدث أن “حل مشكله الأقاليم الجنوبية مرتبط بحل مشكل الأقاليم الأخرى التي في الجزائر، وهذا ما تركته فرنسا، بوصفها أصل المشكل؛ فهي تركت أزمة هويّة كاملة وتركت العشائرية والقبلية والكثير من التخلف”، مبينا أن “المغرب في المقابل لديه واقعية سياسية، وقد تغيرت وسائله الديبلوماسية في العقود الأربعة الأخيرة، في حين مازالت البوليساريو تعتمد نفس الآليات ونفس المنهجيات، وحتى الصحراء المغربية ليست هي نفسها قبل 1975، ما يعني أن تنمية بشرية هائلة حدثت”.
كما أشار الدخيل إلى أن “مساعي المغرب لطي صفحة هذا الملف تقوم على نوع من البراغماتية، وهو ما أشار إليه الملك في الخطاب الأخير بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء وقدم مقاربة مهمة جدا، وهي أن نتشارك مع الدول الأخرى في بناء منظومة قائمة على المصالح المتبادلة”، معتبرا قوتها أيضا في “توجهها لإفريقيا؛ وما يزعج فرنسا هو هذه المقاربة المغربية في إفريقيا، رغم أن الملك كان واضحا في أحد خطاباته في السعودية، بحيث أفاد بأن المغرب دولة مستقلة ومن حقه أن يخلق علاقات مع من يشاء”.
وأقر القيادي السابق بالبوليساريو بأن “هذا الملف ليس سهلا، وحله جد معقد يتطلب جهودا وصبراً كبيرا، لكونه مشكلا شائكا تتدخل فيه عدة أطراف، كموريتانيا والجزائر حسب توصيف مجلس الأمن”، لذلك، “لا يمكن أن يحل عسكريا، بل بمنطق الاقتصاد والتنمية الشاملة وبناء الإنسان من خلال إنهاء منطق الريع، وإظهار نتائجه إذا كان مجديا. كما يتعين خلق فضاء للمساواة في الفرص في الأقاليم الجنوبية ونبذ المحسوبية، لأنه ليس هناك من يحب بلاده ويشتغل على التقسيم بين عشيرة وأخرى وبين قبيلة وأخرى”.
وأبرز المتحدث عينه أن “الرصانة التي تشتغل بها الدولة المغربية مثيرة للإعجاب، فسياسة ضبط النفس ليست سهلة؛ لأن من طبيعة الدولة ألا تكون منفعلة وأن تسير بالعقل وتحل المشاكل بعقلانية”، مؤكداً أن “المغرب صار له بالفعل مخطط واسع وكبير ويعطي نتيجة. ولذلك، فكرة الانفصال لا تحضر اليوم سوى عند النخبة في تندوف باعتبارها فكرة سياسية، ولا توجد عند معظم القاعدة من الصحراويين”.
ومضى قائلاً: “المغرب له جيش قوي والبوليساريو تنتحر باستفزازه، ومن يدفع الجبهة للحرب مع المغرب هو يقتلهم، لأن العتاد المتوفر في البوليساريو لا يستطيع الصمود أمام الجيش المغربي”، منبها إلى أن “درجة الخطورة بلغت مبلغا صارت فيه البوليساريو تتجه لضرب المدنيين، وأبناء عمهم من المواطنين في الأقاليم الجنوبية، كما حدث في السمارة. وهذا إرهاب، يُدخل البوليساريو والجزائر في نفق مسدود، ويعكس حالة مقلقة للغاية لديهم إزاء ديبلوماسية قوية قامت بها المملكة المغربية في هذا الملف”.