
#image_title
جددت مكونات المعارضة البرلمانية رفضها وتصديها لمشروع إحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، معتبرة خلال المناقشة التفصيلية لمشروع القانون اليوم الثلاثاء بمجلس النواب بحضور وزير الشباب والثقافة والتواصل مهدي بنسعيد، أنه مشروع “غير دستوري، وبعيد عن الممارسة الديمقراطية التي كرسها دستور 2011”.
وقال حسن أومربيط، عضو فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، إن هذا المشروع يعتبر”التفافاً حكوميا غير مقبول على ما ينبغي أن يكون عليه المجلس الوطني للصحافة”، مسجلا أن الحكومة “تريد صحافة على المقاس لصناعة جوقة للتطبيل والتهليل والتزويق والرداءة التي لن تخدم التطور الديمقراطي والسياسي والحقوقي لبلادنا في شيء، في مواجهة صحافة حرة ومستقلة ومسؤولة وجادة”.
ويرى أومريبط أن التمديد التقني الذي تم تمريره سابقا، لمدة ستة أشهر، لم يكن الهدف منه سوى تصريف الأمور الجارية للمجلس، قبل أن يضيف “لكن يبدو أن الحكومة تريد أن تمنح اللجنة عمراً مديداً وصلاحيات تقريرية، وإمكانيةً لتغيير الخريطة وصُنعِ واقع جديد تكون فيه الغلبة للأقلية المرفوضة التي عجزت عن تدبير شؤون المجلس وفشلت في تنظيم انتخاباته”.
وأوضح البرلماني أنه من غرائب المشروع كذلك أنه يمدد الولاية فقط لرئيسيْ لجنتين، ليتخذا قراراتٍ أساسية تهم الشأن الصحفي، بشكلٍ شخصي ومنفرد، ضدا على كل القواعد والمعايير الديمقراطية، وأقصى أطرافاً رئيسية من الجسم الصحفي الوطني، معتبرا أن مشروع قانون اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر “هو مبادرة خارج الزمن الدستوري، وفيها إساءة لتاريخ الصحافة المغربية، وفيها مَسْخٌ لهوية المجلس الوطني للصحافة كتنظيم مهني يقوم على قاعدة الانتخاب وحرية الاختيار”.
من جهته، تحدى رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، عبد الله بووانو، الوزير مهدي بنسعيد أن يعرض مشروع إحداث اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة على أنظار القضاء الدستوري لكي يعطي رأيه في شأنه على غرار مشروع قانون التعويض عن فقدان الشغل الذي قدمت فيها المحكمة الدستورية دروسا للحكومة والبرلمان.
وأوضح بووانو أن المادة 54 من قانون المجلس الوطني للصحافة واضحة لتدبير حالة الفراغ التي يعيشها المجلس، مضيفا أن هناك اليوم طرف ضمن تمثيلية المجلس (في إشارة إلى فيدرالية الناشرين) قدم استقالته من المجلس بعد انتهاء مدة انتدابه وهو ما كان يفرض التوجه نحو اعتماد لجة خاصة.
وشدد رئيس المجموعة النيابية للبيجدي على أن مشروع إحداث اللجنة المؤقتة غير دستوري ولا يمكن أن ندخل في نقاش غير دستوري وغير منطقي، لافتا إلى أن هذا المشروع هو نسخة طبق الأصل لمقترح القانون الذي تم سحبه وهو المقترح الذي صيغ خارج أسوار البرلمان وبعيدا عن حرفة المؤسسة التشريعية.
وأكد بووانو أنه كان من المفروض على المجلس الوطني للصحافة، بغض النظر عن تنظيمه للانتخابات أم لا، أن يقدم حصيلته سواء كانت إيجابية أو سلبية بعد نهاية ولايته، وليس الالتفاف على القانون وعلى المهنة برمتها.
وشدد ادريس السنتيسي رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب تمسك المعارضة بالدفاع عن مهنة المتاعب والمصلحة العليا للوطن، خاصة أن جل المقاولات الصحفية حزبية أو حرة كانت هي في حالة إفلاس، ومع ذلك ننتظر ونطلب من قطاع الصحافة أن يقوم بدور “دبلوماسي كبير”.
وأضاف السنتيسي في مداخلة له ضمن اجتماع لجنة التعليم والثقافة بمجلس النواب، أن الحكومة بصدد البحث عن “تخريجة” لتجاوز الفراغ الذي يعيش المجلس الوطني للصحافة عبر مشروع قانون “غير دستوري” مما يتطلب الوقوف عنده بشكل معمق.
وقال السنتيسي إن البرلمان ينتظر من الوزير الوصي على قطاع التواصل إقناعه باللجوء إلى هذا الاختيار لاسيما أن الدستور صريح في هذا الباب، داعيا في المقابل الحكومة إلى تبديد الشكوك بشأن وجود تلاعبات في توزيع الدعم العمومي على المقاولات الصحفية خاصة الحزبية منها.
وسجل أن الحكومة لم تستطع إيقاف المتاعب التي يعيشها قطاع الصحافة بالمغرب، لاسيما في ظل وجود خلافات عميقة بين الجهاز السابق للإشراف على التنظيم الذاتي للمهنة وفيدرالية الناشرين، مطالبا في المقابل وزارة الشباب والثقافة والتواصل بتنظيم مناظرة للتوصل إلى حلول نهائية للصعوبات وحالة الفراغ التي يعرفها المجلس الوطني للصحافة بدل اللجوء إلى حلول مؤقتة.
من جانبه، انتقد عمر اعنان، عضو الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، “فشل” الحكومة في تفعيل الجيل الثاني من الإصلاحات في قطاع الصحافة والإعلام التي تفرضها التزامات المغرب الدولية والمقتضيات الدستورية الجديدة.
ونبه اعنان إلى غياب الإجراءات العملية التي تمكن الحكومة من ضمان احترام حرية التعبير لجميع المواطنين وحماية التعددية في مختلف تجلياتها وتكريس ثقافة الاختلاف والقبول بالرأي الآخر، مسجلا غياب سياسة عمومية ناجعة تترجم انعدام التفكير الجدي في معالجة القضايا التواصلية الراهنة سواء على المستوى السياسي المرتبط بالمنظومة الإعلامية ككل.
ولفت البرلماني الاتحادي إلى عدم جدية التعامل مع الضوابط القانونية للصحافة والإعلام، بما تتطلبه من انسجام وتكامل تشريعي، وبالأخص ما يتعلق بالعقوبات السالبة للحرية الموجهة للصحافيين سواء على مستوى مدونة الصحافة أو القانون الجنائي أو قانون مكافحة الإرهاب.
كما انتقد اعنان ضعف الإجراءات المتخذة الرامية إلى تنظيم مهنة الصحافة على أساس عصري وفي علاقة منسجمة مع مجموع المهن المرتبطة بها، إن على مستوى الطباعة والتوزيع أو على مستوى الدعم والإشهار أو على مستوى التكوين والتكوين المستمر، مؤكدا وجود اختلال مؤسساتي وقانوني في مجال الصحافة مما يطرح مشاكل هيكلية وتنظيمية وتمويلية تعترض النهوض بالوضع الإعلامي الوطني.