
FILE PHOTO: A service member of the Ukrainian armed forces walks at combat positions near the line of separation from Russian-backed rebels outside the town of Avdiivka in the Donetsk Region, Ukraine February 10, 2022. REUTERS/Oleksandr Klymenko/File Photo
تسود حالة من الترقب في صفوف الطلبة المغاربة بأوكرانيا، جراء إمكانية حدوث غزو روسي في الأيام القادمة، ليكون بذلك هؤلاء بين مخاوف البقاء في مدنهم وإكمال دراستهم، وبين إمكانية المغادرة والعودة إلى المغرب، ومن ثم البحث عن الحل فيما بعد، عند عودة الوضع كما كان من جديد، في ظل عدم توصلهم لحل مقنع مع الجامعات التي يدرسون فيها، أو السفارة هناك بكييف.
ياسر تزريت طالب مغربي بأوكرانيا، يدرس في جامعة بمدينة خاركوف القريبة من الحدود الروسية، تخصص الصيدلة في سنته الرابعة، وهو الذي عاش في المدينة لمدة خمس سنوات، منذ أن حل بها بغية مواصلة دراسته، يحكي لـ “اليوم 24” تجريته الشخصية جراء الوضع الحالي الذي تعيشه البلاد، مشيرا إلى أن هناك تضاربا في الآراء والاقتراحات، وكذا هناك تخوف مع بعض من الطمأنينة، إلى جانب الارتباك الذي يسيطر على الطلبة المغاربة منذ الإعلان عن إمكانية نشوب حرب.
أكد الطالب المغربي في حديثه مع “اليوم24″، وهو يسرد الأحداث بنبرة صوت تخبئ وراءها الحزن العميق لما يقع هناك، “أكد” بأن أوضاع الطلبة المغاربة بأوكرانيا والمغاربة بصفة عامة، يطبعها التخوف باستمرار الذي يراود الكل من خلال ما تتم متابعته في مواقع التواصل الاجتماعي، والبلاغات الصادرة بخصوص الموضوع، موضحا في الوقت ذاته، بأن الكل في البلاد بما فيهم هو، يعيشون حياة طبيعية جدا كما يعيشون حياتهم اليومية، لأن ليس هناك أي تغيير لا في الشارع، ولا في الدراسة، ولا حتى في المحلات بمختلف أنواعها.
وأضاف ياسر في حديثه، بأنه في تواصله مع الأوكرانيين كونه يحتك بهم كثيرا، لجودة لغته الأوكرانية والروسية، دائما ما يقولون له، بأن إمكانية نشوب الحرب تبقى ضعيفة جدا، وليس هناك أي خوف، مشيرا إلى أنهم يعيشون هم الآخرون حياة عادية مع بعض الخوف الذي يتسرب أحيانا، وهو شيء عادي في مثل هذه الأوضاع، وهو ما أكده كذلك في تواصله مع أساتذته والجامعة التي يدرس بها، بأن ليس هناك ما يدعو للقلق، لأن كل شيء تحت السيطرة، على غرار ما قاله الرئيس الأوكراني أنه لا داعي لنشر الخوف.
وبخصوص ما توصلوا به كطلبة مغاربة مع الجامعات التي يدرسون بها، قال الصيدلاني المستقبلي بنبرة تحسر، إن الجامعة لا يمكنها إصدار قرار يخص اعتماد التعلم عن بعد، كون أن هذا من اختصاص الوزارة، كما أن تواصلها مع هذه الأخيرة يجب أن يعتمد على معايير وأسباب، وهي التي لا تتوفر في ظل الأوضاع العادية، كما أن القرار حتى وإن صدر سيسري على الأجانب فقط وهذا ما لا تريده الوزارة.
وتابع ياسر، بأن كل واحد يرى مصلحته الشخصية قبل المصلحة العامة، فالوزارة بأوكرانيا لن تقبل بالحل الذي يقترحه الطلبة المغاربة، لأنه في حالة عاد المغاربة إلى أرض الوطن، ستكون هناك خسائر اقتصادية وما إلى ذلك من تبعات، وهو ما دفع معظم الجامعات بما فيها التي يدرس بها، أن تحمل الطالب المسؤولية الكاملة في حالة فكر في المغادرة، موضحا نقطة مهمة كذلك، بأن الغياب عن الحصص يتطلب منهم تأدية بعض الرسوم للجامعة “المواد المهمة فقط”، مشيرا في الوقت ذاته، إلى أن هناك جامعات أخرى أخبرت الطلبة بأنه بإمكانهم سحب ملفاتهم ومغادرة البلاد، وفي حالة العودة بإمكانهم مواصلة دراستهم من حيث انقطعوا.
ياسر القاطن بخاركوف القريبة من الحدود الروسية، أشار في حديثه للموقع ونبرة صوته دائما تدل على أنه في حالة بين الخوف والطمأنينة، “أشار”، إلى أن الطلبة الذين اختاروا العودة إلى المغرب، وهناك من وصل بالفعل بسلام، كان الخوف يتملكهم كثيرا إلى جانب أن آباءهم فرضوا عليهم العودة، أما الذين فضلوا البقاء فكان ذلك لسببين لا ثالث لهما، وهما غلاء التذاكر، وقرار الجامعة التي يدرسون بها، وتخوفهم من المجازفة بمسارهم الدراسي، وكأن شيئا لم يقع، وهو الدرب الذي سار عليه الطالب الذي يحكي قصته لنا إلى حدود اللحظة.
المتحدث نفسه واصل حديثه مع الموقع، بالإشارة إلى أن التواصل بسفارة المملكة المغربية بكييف يبقى ضعيفا للغاية، إما بسبب الإقبال الكبير على الأرقام التي وضعتها، أو لأنها لا تريد تقديم تفاصيل أكثر، لأن الأرقام التي وضعت لا مجيب بها، حيث أن الهاتف يبقى يرن لوحده، موضحا بأنه لحدود اللحظة لم تجبه السفارة على أي اتصال، ومشيرا في الوقت ذاته، إلى أن حتى من أجابتهم من الطلبة لم تقدم لهم أية تفاصيل من غير تلك الموجودة في البلاغ.
وتابع ياسر: من بين الإشكالات التي يعيشونها كطلبة، أن السفارة دائما ما تصدر بلاغات تحتاج لتفسيرات أخرى، فالبلاغ الأول الذي كان كالعادة مع نهاية الأسبوع، احتاج لعدة تفسيرات، لأنه ساد نوع من الارتباك حول الكيفية التي ستتم بها العودة في ظل غياب التفاصيل، مضيفا، صحيح أنه تم تنظيم رحلتين من بعد والثالثة ستكون غدا الأربعاء 16 فبراير الجاري، إلا أنه من الضروري وضع تفاصيل للبلاغات منذ الوهلة الأولى، ومن الضروري أن يكون التواصل مكثفا في مثل هذه الأوضاع الاستثنائية.
وفي عودة له للجامعة التي يدرس بها، أكد ياسر بأنها توصلت ببلاغ من سفارة لبنان، مقابل عدم توصلها بأي بلاغ من سفارة المغرب، وهذا ما يزيد من المتاعب، متسائلا لماذا لا يكون هناك تواصل مع الجامعات التي يدرس بها الطلبة؟ بل حتى عندما يتكلمون معهم، “يقصد السفارة التي أجابت بعض الطبلة”، يكون جوابهم هو “عودوا إلى المغرب ومن بعد سيتم العمل على إيجاد حل مع الجامعات في حالة وقعت مشاكل”، وهذا ما لم يطمئن الطلبة، يضيف ياسر.
وختم ياسر حديثه المطول مع الموقع، أن العائلات بما فيها عائلته، تعيش في حالة نفسية غير عادية أكثر منهم، لأنها تتابع فقط ما يكتب، عكسهم هم الذين يعيشون هناك في وضعية عادية لحدود اللحظة، ليبقى التخوف والترقب والطمأنينة في بعض المرات هي مصدر حالتهم النفسية.