
صورة : أرشيف
خرجت ندوة وطنية نظمت بمدينة الناظور من طرف حزب التجمع الوطني للأحرار ومركز الشروق للديمقراطية والإعلام وحقوق الإنسان وفعاليات الحركة الأمازيغية في موضوع “تنزيل القانون التنظيمي للأمازيغية.. تصورات إجرائية”، بتوصيات عامة شملت مجالات التعليم، والإعلام، والإنتاج الثقافي والسينمائي، والعدالة، والتشريع، والإدارة، والجماعات الترابية.
وركزت توصيات الندوة على إحداث آلية وطنية للإشراف ومواكبة تنفيذ القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، تتكون من فاعلين مدنيين ذوي خبرة وباحثين في مجال النهوض بالأمازيغية، تضطلع بمهام المواكبة ووضع واقتراح التدابير والإجراءات العملية والتقييم، وتصدر تقريرا سنويا عن أشغالها وعن وضعية الأمازيغية في السياسات العمومية والمؤسسات.
وتقوم كذلك بتدارك التأخير وتجنب مزيد من هدر الزمن السياسي والمؤسساتي والحقوقي والتنموي في مجالات إعمال مقتضيات القانون التنظيمي 16-26، وذلك بتوفير الشروط المادية والبشرية والتكوينية لتنفيذها في الآجال المحددة، ومواكبتها بآلية للتعبئة الاجتماعية حول الأمازيغية ومقومات الهوية والثقافة المغربية.
كما أوصت الندوة بإنجاز تقييم موضوعي لوضعية الأمازيغية في منظومة التربية والتكوين والإعلام والإدارات والجماعات، والإسراع بوضع مخططات عمل قطاعية وفق مقتضيات القانون التنظيمي.
وفي مجال التعليم، نادت الندوة بإعادة هيكلة الخلية المركزية لتتبع تدريس الأمازيغية في صيغة إدارية قائمة الذات، والخلايا الجهوية والإقليمية، وتنظيمها بمرسوم يحدد مهامها وأدوات عملها المادية والبشرية، إلى جانب تحيين المذكرات التنظيمية لتدريس الأمازيغية بعد تنقيحها وتطويرها لتجاوز الثغرات الحاصلة في تنفيذها، ولتساير المستجدات البيداغوجية والتدبيرية في مجالي الحياة المدرسية والموارد البشرية.
كما ركزت على اعتماد تصور عملي وحكامتي للتكوين الأساس والمستمر للمدرسين، يمكن أطر الأكاديميات الجهوية من كفايات تدريس الأمازيغية، إضافة إلى العربية والفرنسية، ويمكن المدرسين العاملين من الكفايات نفسها، إضافة إلى الرفع من عدد مناصب الاختصاص، والشروع في تدريس الأمازيغية بالتعليم الثانوي بالموازاة مع الابتدائي، وإدراجها في التعليم الأولي، وفي برامج تدريس أبناء الجالية المغربية بدول الخارج.
كما شددت الندوة على ضرورة تعميم شعبة الدراسات الأمازيغية وشهادتي الإجازة والماستر في جميع الجامعات، وإدراج الأمازيغية ضمن مجزوءات التكوين في الإجازة المهنية في التربية وبقية الشعب، وبالمدارس ومراكز ومعاهد التكوين الخاصة بمختلف مجالات الحياة العامة، وكذلك تحيين برامج محو الأمية وإدراج الأمازيغية ضمنها، سواء في برامج الوكالة الوطنية أو وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أو التربية غير النظامية.
وفيما يتعلق بمجال الإعلام والإنتاج الثقافي والسينمائي، فقد ركزت توصيات الندوة على دعم الإنتاج الثقافي والفني الأمازيغي بمختلف مجالاته وحوامله التراثية والصناعية العصرية، وفق مقاربة تنموية منتجة، على المستوى الترابي والصناعي والإبداعي، إلى جانب تحفيز الإنتاج السنيمائي بالأمازيغية، بمختلف صيغه ومجالاته، بالدعم المادي والتكوين، وكذا الإنتاج الفني الأمازيغي في مختلف مجالات الثقافة والإبداع.
إضافة إلى اعتبار قطاع الإعلام والاتصال قطاعا استراتيجيا، وتطوير مكانة الأمازيغية في الإنتاج والعمل السمعي البصري والإلكتروني، مع الانتقال من مقاربة الكم إلى مقاربة الكيف والجودة، وإحداث قنوات تلفزية جهوية، والرفع من دعم الاستثمار العمومي والخاص في مجال الإعلام والصناعة الثقافية الأمازيغية.
وعلى مستوى العدالة والتشريع، دعت الندوة في توصياتها إلى العمل على تفعيل القانون التنظيمي للأمازيغية في مجال العدالة والقضاء، وتكوين الموارد البشرية، سواء في معهد القضاء أو العاملين بالمحاكم والمؤسسات المرتبطة بالعدالة، لتتمكن من أداء مهامها باللغة الأمازيغية، بالإضافة إلى تعديل القوانين والقوانين التنظيمية التي تضم مواد تتعارض مع المعاهدات الدولية في مجال حقوق الإنسان، أو مع مقتضيات دستور المملكة والقانون التنظيمي 16-26 الخاص بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية.
وركزت توصيات الندوة على مستوى الإدارة والجماعات التربية على تعزيز الموارد البشرية العاملة بمختلف الإدارات بتوظيف خريجي الدراسات الأمازيغية، ووضع برنامج عملي للتكوين المستمر للموظفين لتأهيلهم للقيام بالمهام الإدارية وتقديم الخدمات العمومية باللغة الأمازيغية.
كما ركزت على العمل على إحداث لجان دائمة بالجماعات الترابية تضطلع بمهام إعداد وتتبع الإجراءات العملية لتنفيذ القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في مختلف المجالات والخدمات الترابية، وتكوين الفاعلين الترابيين والموظفين في ذلك.
وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، قال محمد الشامي، فاعل باحث في الشأن الأمازيغي منسق اللجنة العلمية للندوة، إن “الندوة لها دلالات كبيرة وقوية، فلأول مرة نشاهد انبعاثا في التفعيل نظرا لتفاعل الأقانيم الثلاثة؛ الإرادة الملكية السامية في تحقيق ورش الأمازيغية الديمقراطي، واجتماع النواة الصلبة للحركة الأمازيغية التي كانت تضم أربعة أجيال لها تصور في أجرأة القانون التنظيمي للأمازيغية، وحكومة متميزة تبادر بالأجرأة الفعلية في بداية ولايتها”.
وأشار المتحدث إلى أن “دستور 2011 أقر بالطابع الرسمي للأمازيغية، لغة وثقافة وهوية، والقانون التنظيمي الذي يوضح مراحل وكيفيات التفعيل في كافة مجالات الحياة العامة صدر في الجريدة الرسمية، ورئاسة الحكومة الحالية تحث الوزارات المعنية وكافة المؤسسات على اتخاذ التدابير الإجرائية الضرورية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية”.
وأوضح الشامي أن “ندوة الناظور أشرف عليها محمد أوجار باسم التجمع الوطني للأحرار ومركز الشروق للديمقراطية والإعلام وحقوق الإنسان، وتفاعل فيها ما هو مؤسساتي رسمي وما هو مجتمعي مدني، بين مخططات استشرافية لبعض الوزارات الحاضرة ومقترحات قوية للحركة الأمازيغية”.
وأضاف منسق اللجنة العلمية للندوة قائلا: “إن الهدف واحد هو إنجاح هذا الورش الديمقراطي الذي يمثل كنه وجوهر أصالة الأمة المغربية، فالندوة طرحت التصورات العملية لتفعيل الطابع الرسمي في مجالات الحياة العامة، كما طرحت القطاعات الوزارية الحاضرة في الندوة مخططات عملها، خاصة فيما هو محور مجالات الحياة العامة، وهو التعليم الأمازيغي وتعميمه أفقيا وعموديا، ما يتطلب تشخيصا استعجاليا لوضعية تدريس اللغة الأمازيغية في مستويات التعليم الابتدائي على الخصوص حتى تكون الانطلاقة التعليمية سليمة”.
كما طرح إدماج الأمازيغية، يتابع الشامي، في مختلف وسائل الإعلام العمومية والخاصة والمرئية والمسموعة، بما فيها الصحافة المكتوبة والرقمية. واقترحت قناة خاصة بالبرلمان بغرفتيه، إضافة إلى نقل جلساته على القنوات التلفزية والاذاعية العامة.
وختم الشامي بالإشارة إلى أن “ممثل وزارة العدل، وهو المدير التشريعي بالوزارة، أكد على الطابع المكتوب لإدماج اللغة الأمازيغية وأن الأمر لا يتعلق بالتقاضي فقط كما يبدو ظاهريا في القانون التنظيمي، وإنما بمنظومة العدالة قاطبة، وأن إدراج الأمازيغية في العدالة ليس له طابع شفوي كما يبدو، بل المكتوب هو السائد في كل مراحل التقاضي والوثائق التي تهم العدالة والمواطنين”.