
صور: هسبريس
في جماعة آيت ماجضن، التابعة لإقليم أزيلال، يوجد تجمع سكاني يدعى تعينيت2، لا يبعد سوى ببضعة أمتار عن مركز جماعة تنانت، إلا أن التقسيم الإداري الأخير ألحقه بالجماعة المذكورة، ما زاد من منسوب المعاناة لدى الساكنة جراء إرث هذا التجمع السكاني من المجالس السابقة.
دوار تعينيت2 يختزن معاناة متعددة الأوجه؛ فرغم أنه يتواجد بالقرب من عدد من المرافق الإدارية، إلا أن ساكنته تضطر إلى قطع كيلومترات لقضاء أغراضها، ما جعلها تنشد إلحاقها بجماعة تنانت أو الإسراع في تأهيل الدوار الذي يحتضن حوالي 3000 نسمة، لضمان عيش كريم.
في هذا الصدد، أكد عدد من الشباب، في تصريحات متطابقة لهسبريس، صعوبة الحديث عن مختلف الإكراهات التي يعيشها الدوار في دقائق معدودة، لأنها مترابطة ومتشابكة، والكثير منها ظل عالقا لسنوات، حيث تفيد المؤشرات بأن الساكنة لم تجن من السنين الفارطة سوى الوعود الوردية التي غالبا ما يتم إقبارها فور إغلاق صناديق الاقتراع أو بعدها بقليل.
ياسين فائق، من شباب تعينيت2، قال: “شخصيا أجد صعوبة في فهم هذا الواقع، فالهوّة بين ما يتم الترويج له وما نعيشه تستعصي على الوصف، ولا أدل على ذلك هذه المآسي التي يتجرع مرارتها المواطنون خلال كل يوم جراء فشل المسؤولين في تدبير قطاع النفايات”.
وأضاف أن “نفايات المطرح العشوائي الكائن على بعد أمتار قليلة من تعينيت2 ومن تجزئة أزود التابعة لجماعة تنانت، حوّلت حياة الساكنة إلى جحيم متواصل، ومع ذلك لا يزال المعنيون يتدارسون ويتداولون في الإمكانات الممكنة لتحويل المطرح، وفي كل مرة يبررون فشل تدبيرهم بغياب وعاء عقاري”.
وتابع ياسين الذي كان يتحدث لهسبريس بمرارة عن عمق معاناة أسرته وجيرانه بسبب الروائح الكريهة المنبعثة من المطرح، التي تتفاقم في فصل الصيف، بأن “ما زاد الطين بلة هو ازدياد حجم النفايات؛ فبعدما كانت مساحة المطرح لا تتجاوز بضعة أمتار تحول اليوم في غياب مراقبة مستمرة إلى أكوام من النفايات التي تستهوي الكلاب الضالة، ما بات يهدد الأطفال والمارة بشكل عام”، داعيا عامل الإقليم والجهات المختصة إلى زيارة المنطقة للاطلاع على حجم الأسى الذي تكابده الساكنة منذ سنوات وليس لشهر أو بضعة أيام.
بدوره، أشار عبد العالي السملالي إلى أن “ساكنة تعينيت2 تشكو من المياه العادمة التي يتم تصريفها في سواقي عشوائية على سطح الأرض، حيث غالبا ما تكون هي الأخرى مصدرا للروائح الكريهة ومرتعا للبعوض ومختلف الحشرات المضرة بصحة المواطن، وخاصة الأطفال”.
وطالب السملالي الجهات المسؤولة عن تدبير الشأن المحلي بـ”إدراج مشروع تبليط الأزقة إلى جانب الصرف الصحي في برنامج عمل الجماعة، حتى تنعم الساكنة بحياة كريمة، وتتمكن تعينيت2 من الارتقاء إلى درجة مركز حضري بالنظر إلى موقعها الجغرافي المتميز وجمالية بناياتها التي تنضبط في غالبيتها لمساطر التعمير”.
وأكد المتحدث أن “ساكنة تعينيت2 تكالبت عليها المآسي في غياب تدبير حقيقي لعدد من الملفات، وزاد من تعقيد وضعها تواجدها بالقرب من مطرح للنفايات وسوق أسبوعي يشكو من اختلالات تنظيمية ويترك من نفايات الدواجن والمواد البلاستيكية ما يكفي لخنق الأنفاس والرفع من منسوب التعاسة”.
وناشد ابن الدوار المسؤولين إحداث مؤسسة ابتدائية للتعليم، درءا للمعاناة التي يكابدها المتمدرسون أثناء تنقلهم نحو مركز تنانت في مسار يتسم بالخطورة جراء انتشار فوضى الدراجات النارية، مشيرا إلى أهمية النهوض بالتعليم الأولي وتأثيث فضاءاته بشكل يليق بالممارسة التعلمية.
وعبر المصرحون لهسبريس عن أملهم في المجلس الجماعي الجديد لآيت ماجضن الذي جرى انتخابه في استحقاقات الثامن من شتنبر من العام الماضي من أجل تأهيل الجماعة الترابية، عبر الاعتماد على مقاربة تنموية شمولية تأخذ بعين الاعتبار مطالب ساكنة تعينيت2، خاصة على مستوى تدبير الملفات الشائكة التي فشل المجلس السابق في معالجتها لاعتبارات متعددة.
من جانبه، أوضح رئيس جماعة آيت ماجضن الغازي عبد الرحمن، في تصريح لهسبريس، أن من ضمن الإكراهات الكبرى التي يواجهها المجلس الحالي، الصرف الصحي والمطرح العشوائي بتعينيت2.
وطمأن الرئيس الجديد الساكنة بقرب معالجة الملفين، مشيرا إلى أنه “خلال الأيام القليلة الماضية، زار مكتب للدراسات دوار تعينيت وسجل مجمل المعطيات، ومن المرتقب أن يبدأ في إنجاز الدراسة الطبوغرافية للمشروع في الأيام المقبلة”.
وقال الرئيس إنه قام بتنسيق مع السلطات الإقليمية والمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بالإجراءات المعمول بها لتخصيص وعاء عقاري لتشييد مدرسة ابتدائية بالدوار، مؤكدا أنه في شهر مارس سيتم الإعلان عن صفقة المشروع الذي وصفه بالمهم بالنسبة لكافة المتمدرسين بالمنطقة، مشددا على الدور الهام للسلطات الإقليمية في النهوض بالتعليم الأولي.
وفي شأن المطرح العشوائي، أبرز الرئيس أنه اجتمع مع رئيس جماعة تنانت للتداول في كل الحلول المتاحة لتغيير موقع المطرح المذكور، بما في ذلك إمكانية اقتناء وعاء عقاري مشترك بين الجماعتين، مضيفا أن مجمل المشاكل المطروحة هي إرث من المجالس السابقة.
ووعد الغازي الساكنة المحلية بالبحث عن حلول واقعية لكل المشاكل التنموية العالقة، منتهيا بالقول إن “الجماعة الترابية آيت ماجضن في طور إنجاز الدراسات وليس تنفيذ المشاريع”، في إشارة منه إلى أن حصيلة المجالس السابقة لم ترق إلى مستوى تطلعات الساكنة.