
أكدت فاسيليفيا يوريفنا، سفيرة أوكرانيا في المغرب، أن “الأوكرانيين يواجهون استفزازات وتحرشات عسكرية روسية متواصلة”، وقالت في هذا الصدد: “سنظل أقوياء وعلى أتم الجاهزية للدفاع عن حوزة وطننا”.
وأوردت السفيرة الأوكرانية، في حوار خاص مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أجري يوم أمس الاثنين، أن ”الاستفزازات العسكرية والتحرشات الروسية ليست وليدة اليوم. هناك تراكم وتسلسل في الأحداث بدأ منذ عام 2014، لما ضمت موسكو شبه جزيرة القرم إلى أراضيها، في تحدٍّ صارخ للقوانين الدولية والاتفاقيات الأممية”.
إليكم نص الحوار كاملا:
شكرا سعادة السفيرة على قبول طلب جريدة هسبريس الإلكترونية لإجراء هذا الحوار، أولا، نريد أن نعرف آخر التطورات الميدانية في الحدود الأوكرانية الروسية..
أنا سعيدة بلقائكم، الاستفزازات العسكرية والتحرشات الروسية ليست وليدة اليوم. هناك تراكم وتسلسل في الأحداث بدأ منذ عام 2014، لما ضمت روسيا، مؤقتا، شبه جزيرة القرم الأوكرانية، إلى أراضيها، في تحدّ صارخ للقوانين الدولية والاتفاقيات الأممية.
دعني أقدم لك بعض الأرقام بشأن وضعية الميدان، هناك اليوم حوالي 1600 دبابة متواجدة في الحدود مع روسيا، 4000 مركبة عسكرية، و2200 نظام دفاعي بالقرب من الحدود الأوكرانية الروسية.
كما أن هناك تواجدا عسكريا روسيا كثيفا في دولة بلاروسيا، حيث تجري روسيا تدريبات عسكرية ومناورات مشتركة بالقرب من الحدود ستستمر إلى غاية نهاية هذا الشهر؛ إذ تم رصد 100 دبابة و5200 عسكري و300 عربة مخصصة للقتال العسكري و120 نظاما دفاعيا.
لقد تمت عسكرة شبه جزيرة القرم الأوكرانية من قبل روسيا، إضافة إلى مناطق محاذية للبحر الأسود، حيث تم منع الحركة البحرية بسبب التدريبات العسكرية الضخمة التي تقام في البحر. هذا، بالنسبة إلينا، تحدٍّ حقيقي.
هناك معلومات استخباراتية أمريكية وبريطانيا تشير إلى قرب حدوث هجوم روسي على أوكرانيا، هل لكم تنسيق مع المصالح الاستخباراتية الأمريكية حول حقيقة هذه الأخبار؟
أنت تعلم أن الأخبار التي تقدمها الاستخبارات ليس كلها دقيقة، هي مجرد معلومات يتم جمعها عبر مصادر. بالنسبة لموعد الهجوم، لا يمكن التنبؤ بتاريخ وقوعه، ويمكن أن يحصل ويمكن ألا يحصل شيء. نحن على أهبة الاستعداد لأي سيناريو كيفما كان، بما فيه الخيار العسكري والسلمي كذلك. دائما في حالة وجود تهديدات، يجب الاستعداد لمواجهتها.
المعلومات المتوفرة لدينا تفيد بأن الوضع العام في العاصمة الأوكرانية مستقر وفي جميع المدن هناك حالة استقرار، الحياة اليومية مستمرة، المدارس والجامعات مفتوحة. صحيح نحن لسنا في هدوئنا المعتاد؛ لكن يجب الحفاظ على الحياة العامة، لأن القوات المسلحة الأوكرانية تراقب الوضع عن كثب.
هل هذا يعني أن الأوكرانيين غير مبالين بالأخبار والدعوات الأمريكية والغربية التي تصف الوضع بالصعب واحتمال وجود خطر روسي في الحدود الأوكرانية؟
نحن نراقب الوضع عن كثب؛ وقواتنا المسلحة تتابع كل ما يقع في الجبهة. كما أن شركاءنا يواصلون العمل بشكل مشترك لمواجهة أي تطور، بالإضافة إلى الدور الذي تلعبه كل من الاستخبارات الأمريكية والبريطانية في مراقبة الحدود.
وأنا أريد أن أؤكد لك بأن وزارة الخارجية الأوكرانية قدمت معطيات محينة، حيث أشارت إلى أن الوضع متوتر على الحدود؛ لكنه تحت المراقبة.. نحن نسعى إلى حل التوترات بطريقة دبلوماسية سلمية ولا نريد حربا، ونحن نؤكد أننا مستعدون لأي سيناريوهات محتملة بما فيها المواجهة العسكرية.
هل الجيش الأوكراني مستعد لمواجهة الغزو الروسي؟ وهل هناك ضمانات أمريكية وغربية في كيفية مواجهة هذا الغزو حال وقوعه؟
نحن نتوفر على جيش قوي، ونتمتع بدعم قوي من قبل شركائنا الغربيين؛ بما فيهم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وهولندا. هذا الدعم ليس بالضروري عسكري، وإنما يشمل القنوات الدبلوماسية والحصول على الأسلحة، كما أن هناك دعما ماديا. لأن الحرب التي تشنها روسيا ضد أوكرانيا لا تتحرك فيها الجيوش والقوات العسكرية فقط، وإنما هي حرب هجينة تشمل هجمات إلكترونية وسييبرانية تستهدف المؤسسات الحيوية الأوكرانية، حيث تم رصد 600 هجوم في يوم واحد.
في حين تم توجيه الدعوات إلى مواطنينا ليظلوا هادئين؛ لأن هدف أعدائها هو خلق الهلع في صفوف الأوكرانيين.. سنظل أقوياء ومستعدون لأي احتمال كان.
ماذا عن وضع الطلبة المغاربة في أوكرانيا، هناك جامعات تهددهم بالطرد في حالة مغادرة التراب الأوكراني، هل هذا صحيح؟
أستطيع أن أؤكد لك أن هناك دولا اتخذت بعض القرارات لصالح رعاياها، وهي مسؤولة عن هذه القرارات وتداعياتها.. هناك جامعات في أوكرانيا قررت الاحتفاظ بصيغة التعليم عن بعد، بسبب ارتفاع حالات الإصابة بفيروس “كورونا”، وكل جامعة لها قوانينها الخاصة، وليس هناك أي قرار رسمي لوزارة التعليم الأوكرانية بفصل الطلاب الذين قرروا مغادرة البلاد.
عند وجود أي مشاكل تواجه الطلاب المغاربة، يجب عليهم التوجه إلى المصالح الدبلوماسية والقنصلية المغربية في كييف، أو مراسلتنا من أجل التدخل لتسوية هذه المشاكل. هؤلاء الطلاب المغاربة يمثلون 11 في المائة من الطلاب الأجانب في البلاد، ويحتلون المرتبة الثانية في ترتيب الطلبة الدوليين، بعد الهند.. وأنا أطلب منهم التزام الهدوء واتباع تعليمات السلطات المعنية وإدارات جامعاتهم؛ لأن الوضع تحت السيطرة، ولا توجد حاجة إلى الفزع.
روسيا لم تجب على طلبنا بشأن تفعيل المادة 3 من اتفاقية فيينا لعام 2011، وأوكرانيا أعادت رسميا تفعيل هذا الطلب، في انتظار الرد الروسي، وهناك أكثر من 20 جامعة مغربية لديها شراكات مع جامعات أوكرانية، نحن متفائلون بآفاق تطوير العلاقات المغربية الأوكرانية، لا سيما في مجال الثقافة والعلوم.
هل من تداعيات لهذه الأزمة بين روسيا وأوكرانيا على العلاقات بين الرباط وكييف؟
نحن دائما نقول بـأن تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية لن تظل حبيسة الدولتين، وإنما ستؤثر في عدد من دول العالم، خصوصا على مستوى منطقتي البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط. هناك روابط قوية بين أوكرانيا ومحيطها الإقليمي، نأمل أن نعمل سويا في تحقيق الأهداف المشتركة.
ماذا عن إمدادات القمح الأوكراني للمغرب؟
سنستمر في إمداد المغرب بالقمح، خصوصا في ظل الظروف الفلاحية الصعبة التي تشهدها المملكة مع زحف شبح الجفاف. أوكرانيا هي مورد أساسي للقمح لعدد من الدول، وسنعمل على مساعدة هذه الدول لتحقيق أمنها الغذائي، وسنعمل على تطوير العلاقات بين المغرب وأوكرانيا، وسنعمل على تشجيع الصادرات والواردات بين الدول حتى تصل إلى مستويات متقدمة. كما أن هناك اتفاقيات توأمة بين المدن المغربية ونظيراتها الأوكرانية. وقد زرت مدينة طنجة مؤخرا، وسنعمل على ربطها بالمدن الأوكرانية. سنظل متفائلين، ونحن نثق في المستقبل.