
أعلنت الإمارات وتركيا الإثنين توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية خلال أول زيارة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان للدولة الخليجية منذ نحو عشر سنوات، بعد عودة الدفء للعلاقات بين القوتين الإقليميتين.
وخلال الزيارة التي تستمر يومين، تم توقيع “13 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم بين عدة جهات في الإمارات ونظيراتها في تركيا”، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية “وام”. وهو ما أكدته أيضا وكالة الأناضول التركية.
وأشارت الوكالة الإماراتية إلى أن مجالات هذه الاتفاقيات والمذكرات شملت “الصحة والعلوم الطبية والصناعات والتقنيات المتقدمة والعمل المناخي والمجال الثقافي والزراعة والنقل وإدارة الأزمات والكوارث والأرصاد الجوية والإعلام”.
كذلك “تضمنت خطاب نوايا بشأن التعاون في الصناعات الدفاعية”، وفق الوكالة.
واستعرض ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع إردوغان “فرص التعاون المتنوعة المتاحة في البلدين، خاصة في المجالات الاستثمارية والاقتصادية والتنموية”، بحسب بيان إماراتي، وتبادلا وجهات النظر بشأن عدد من القضايا والتطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.
وكانت الوكالة الإماراتية قد أفادت بأن ولي عهد أبوظبي كان في مقدمة مستقبلي الرئيس الزائر والوفد المرافق لدى وصوله مطار الرئاسة في أبوظبي.
وفي القصر الرئاسي في أبوظبي، جرى استقبال رسمي للرئيس التركي أمام حرس الشرف، قبل أن يصافح عددا من المسؤولين الإماراتيين برفقة ولي عهد أبوظبي.
ونقل البيان عن ولي عهد أبوظبي قوله، إن بلاده “حريصة على التعاون مع تركيا لمواجهة التحديات المشتركة المتعددة التي تشهدها المنطقة عبر الحوار والتفاهم والتشاور والحلول الدبلوماسية”.
وتأتي زيارة إردوغان التي تستمر يومين وهي الأولى له منذ فبراير 2013 حين كان رئيسا للوزراء، بينما تشهد تركيا مصاعب اقتصادية كبرى وتبحث عن استثمارات أجنبية جديدة، وفيما تواجه الإمارات خطرا أمنيا متزايدا من قبل المتمردين اليمنيين.
وشهدت العلاقات بين البلدين توترا بعد المقاطعة التي فرضتها السعودية ودول أخرى بينها الإمارات على قطر، أقرب حلفاء أنقرة، واستمرت من منتصف عام 2017 حتى أوائل العام الماضي.
كذلك، دعمت الإمارات وتركيا أطرافا متنازعين في الحرب في ليبيا، واختلفتا في شأن مسألة التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط. وقدمت تركيا الدعم كذلك لأعضاء في جماعات إسلامية بينها “الإخوان المسلمين” المصنفة تنظيما إرهابيا في الإمارات والخليج.
لكن العلاقات عادت للتحسن مع زيارة قام بها ولي عهد أبوظبي إلى تركيا في نوفمبر الماضي، كانت الأولى لمسؤول إماراتي بهذا المستوى منذ 2012.
وقبيل مغادرته تركيا، قال إردوغان في مؤتمر صحافي، إن “الحوار والتعاون بين تركيا والإمارات مهمان لسلام واستقرار المنطقة بأسرها”.
وأضاف، “سنناقش التطورات الإقليمية والدولية بالتفصيل خلال محادثاتنا اليوم وغدا (الثلاثاء)”، مضيفا أنه “ستتم مناقشة الوضع بين أوكرانيا وروسيا الذي عرضت أنقرة التوسط فيه”.
وفي مقال نشرته صحيفة “خليج تايمز” الإماراتية قبيل زيارته، كتب الرئيس التركي “سيكون لهذا التعاون انعكاسات إيجابية ليس فقط في العلاقات الثنائية ولكن أيضا على المستوى الإقليمي”.
وتجري الزيارة بينما تعمل الإمارات، الطامحة للعب دور دبلوماسي كبير، على إصلاح علاقاتها مع جاراتها وخصوصا قطر وإيران.
كذلك، تواجه الإمارات تهديد المتمردين الحوثيين في اليمن الذين شنوا ضدها هجمات صاروخية وبطائرات مسيرة غير مسبوقة، ما دفع بأبوظبي إلى زيادة تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة وفرنسا لمواجهة هذا التهديد.
وقال إردوغان، “نحن لا نفصل بين أمن واستقرار دولة الإمارات وإخواننا الآخرين في منطقة الخليج، وأمن واستقرار بلدنا. نحن نؤمن بشدة بأهمية تعميق تعاوننا في هذا السياق في المستقبل”.
من جهته، أكد وزير الاقتصاد الإماراتي عبد الله بن طوق، أن الإمارات تعتبر التعاون الاقتصادي في مختلف المجالات، بما في ذلك الدفاع، “جزءا لا يتجزأ من استراتيجيتها ورؤيتها للمستقبل”.
وأوضح في مقابلة مع وكالة الأناضول نشرت الاثنين، “أعتقد أن هذه رؤية مشتركة بين الإمارات وتركيا، والإمارات حريصة على توسيع شراكتها مع تركيا في مختلف المجالات الحيوية بالإضافة إلى قطاع الدفاع”.
وقد استقبلت الإمارات ضيفها بحفاوة عبر عرض مرئي على واجهة برج خليفة، أطول مباني العالم، وإضاءة أهم المعالم والمؤسسات والمباني الإماراتية بألوان العلمين الإماراتي والتركي.
واعتبر المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي أنور قرقاش على “تويتر” عشية وصول إردوغان، أن الزيارة “تفتح صفحة إيجابية جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين”.
وخلال زيارة ولي عهد أبوظبي لتركيا، جرى تأسيس صندوق بقيمة عشرة مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا، في خطوة أتت غداة تسجيل الليرة التركية انخفاضا كبيرا أمام الدولار.
ويرغب إردوغان في جذب استثمارات جديدة لبلاده التي تعاني من مستوى تضخم قياسي هو الأعلى منذ 2002. ومن المرجح أن يزور السعودية، صاحبة أكبر اقتصاد عربي، هذا الشهر للمرة الأولى منذ جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول في 2018.
وبلغت قيمة التجارة بين تركيا والإمارات في النصف الأول من عام 2021 أكثر من سبعة مليارات دولار، بنمو بلغ 100 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام 2020، بحسب إحصائيات إماراتية رسمية.
وتأتي تركيا في المرتبة الـ11 بين أكبر الشركاء التجاريين للإمارات، فيما تمثل الدولة الخليجية الثرية الشريك التجاري الـ12 لتركيا عالميا والشريك التجاري الأكبر لتركيا على مستوى منطقة الخليج.
وثمة ما يقارب 400 شركة في تركيا مؤسسة برأس مال إماراتي، ويعتبر قطاع العقارات على رأس قائمة الاستثمارات الإماراتية في هذا البلد، إلى جانب استثمارات كبيرة في قطاع المصارف، وتشغيل الموانئ والقطاع السياحي.
ومن المفترض أن يزور إردوغان جناح تركيا في معرض إكسبو دبي الثلاثاء.